قيادة من الأرض لمسبار على المريخ

Submitted by osman on اثنين, 11/12/2018 - 11:46
قيادة من الأرض لمسبار على المريخ
غرينبيلت - وكالات

على بعد 126 مليون كيلومتر عن الأرض، يستيقظ روبوت صغير على سطح المريخ الشاسع والبارد بعيد بزوغ الفجر وينتظر التعليمات اليومية كما هي الحال منذ ست سنوات.

ونقلاً عن صحيفة " الحياة " قرابة الساعة التاسعة والنصف صباحاً تصل تعليمات مرسلة من كاليفورنيا قبل ربع ساعة إلى المريخ وفيها «تقدم عشرة أمتار واستدر 45 درجة...». ينفذ المسبار «كوريوسيتي» التعليمات ببطء فهو يتقدم بسرعة تراوح بين 35 و110 أمتار في الساعة فقط. وتحصر بطارياته وقيود أخرى تنقلات المسبار اليومية بحوالى مئة متر فقط. والمسافة القياسية التي قطعها حتى الآن هي 220 متراً. وما أن يصل إلى الموقع المحدد تصور كاميراتها الـ17 المحيط. ويوجه جهاز الليزر إلى الصخور ويحفر في حجر يلفت الانتباه آخذاً منه عينات لا يزيد وزنها على بضع غرامات.

وينتظر المسبار مرور أحد ثلاثة أقمار تابعة لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) الموضوعة في مدار حول المريخ، فوق الكوكب الأحمر ليحمّل تقريره اليومي الذي ينقل بعد ذلك إلى الهوائيات الأرضية الضخمة.

في الطابق الأرضي للمبنى 34 في مبنى غودار الفضائي التابع للناسا في غرينبيلت على بعد ساعة من واشنطن، وفي قاعة كبيرة لا نوافذ فيها ومتخمة بالأجهزة والحواسيب، يتفحص علماء هذه البيانات بحثاً عن مؤشرات للحياة على المريخ. وفي داخل المسبار «كوريوسيتي» مختبر كيميائي منمنم بحجم فرن مايكرويف سمي «سام». ويشير تشارلز مايلسبين المدير المساعد لفريق «كوريوسيتي» العلمي إلى أجهزة موضوعة على الطاولات في القاعة مؤكداً أنها كلها صُغرت ووضعت داخل الروبوت.
ويوضح مايلسبين الذي يكرس حياته المهنية منذ عام 2006 لهذا المشروع «هو الجهاز الأكثر تطوراً وتعقيداً الذي ترسله الناسا إلى كوكب آخر».
ويحلل جهاز «سام» العينات عبر تسخينها في فرن على حرارة ألف درجة مئوية. ومن خلال هذه العملية تحرر الصخور والتربة الغاز. وهذه الغازات تنفصل تالياً وترسل إلى الأجهزة والأدوات التي تحللها وتضع «بصمة» لكل عينة.
في مركز غودار، تقارن الفرنسية مايفا ميلان هذه البصمة ببصمات اختبارات أخرى أجريت هنا على جزئيات معروفة.
وبفضل «سام» تبين أن المريخ يضم جزئيات عضوية معقدة. وهو سمح أيضاً للعلماء بتأريخ سطح الكوكب الذي تبين أنه أصغر جيولوجياً مما كان يعتقد العلماء.
ويقول مايلسبين: «إذا أردنا التوجه إلى المريخ من غير المجدي أن ننقل موارد موجودة فيه أصلاً» مثل المياه. ويضيف: «يمكننا حفر الأرض وتسخينها وتحرير المياه ويكفي أن نحمل معنا فرناً ونحصل على كمية المياه التي نريد». وكذلك الأمر بالنسبة للمواد الأخرى التي قد تحول إلى محروقات تغذي «محطة وقود للصواريخ» مستقبلاً.
على الجانب الآخر من الولايات المتحدة في مختبر «جيت بروبالشن لابوراتوري» قرب لوس أنجليس تتولى نحو 15 امرأة ورجل قيادة «كوريوسيتي». ويروي فرانك هارتمان الذي سبق له أن قاد «كوريوسيتي» و «أبورتيونيتي» أيضاً في اتصال هاتفي «اللحظة المفضلة لدي خلال النهار هي عندما أجلس لأطلع على الصور المرسلة من المريخ. فأقول في قرارة نفسي إني أول إنسان على الأرض يطلع عليها».
ويقوم عمل السائقين على وضع التعليمات للمهمة المقبلة التي تستمر يوماً مريخياً أي 24 ساعة و40 دقيقة. ولا يمكن الاتصال بالمسبار مباشرة لذا يكتشف السائقون المشاكل المحتملة بتأخر مثل أن يعلق «أبورتيونيتي» في الرمال والثقوب التي أحدثتها صخور في دواليب «كوريوسيتي» والعطل الذي لحق بجهاز الحفر فيه والذي أصلح... بعد ثلاثة أشهر.